عزيزي الشتاء، أرجوك ألّا تأتي هذا العام
.لم أتكلم كثيرًا منذ بداية الحرب. أعيش هنا وحدي وليس عندي الكثير من الأصدقاء العرب كما أني أحاول قدر المستطاع ألّا ألعب دور الضحية مع أصدقائي الأجانب. صمت طويل خيّم عليّ منذ عشرة أيام، أشارك رأيي مكتوبًا عبر مجموعات الواتساب، لكن كلامي بقي حبيس شاشة صغيرة، هي نافذتي الوحيدة المُطِلَّة على ذاكرتي وهي تتمزق إلى أن خرق أحدهم صومي عن الكلام، وذلك أثناء اجتماع عمل يضم جميع العاملين في الشركة. سألتني إحدى الزميلات عن عائلتي، وعمّا إذا كانوا في مأمن من كل ما يحدث. نظرت حولي فرأيت وجوهًا تترقّب حديثي بنوع من الفضول، وهنا نطقتُ بأول كلمة مسموعة لي منذ بداية الحرب. قلتُ إن عائلتي في مكان آمن، لكنهم ليسوا بخير. يسكنون في منزل لا يزال قيد الإنشاء، في منطقة ترتفع عن سطح البحر أكثر من ألف متر. عائلتي تشعر بالبرد رغم جميع محاولاتي اليائسة لإيجاد مكان دافئ لهم. هنا انفجرت بالبكاء. لم أكمل حديثي، وضعتُ رأسي بين يديّ وبكيت بحرقة. أظنه انهياري الأول منذ ولادتي، في العادة أجيد التحكم جيدًا، أتقن لعبة الهروب عبر رمي النكات يمنة ويسرة، لكنني حينها كنت عاجزًا تمامًا عن الهروب، كان وجه أمي يسكنني، عيونها وه