مجتمعنا يحتاج لمن ينصت له
شوارع تلك المدينة التي غابت عنها الكهرباء لأيام طويلة، شوارع يملئها الظلام، كلاب تجري فرحة فيها لعدم وجود أولئك الذين إعتادوا قتل الكلاب في وضح النهار و تحت الإضاءة الصفراء
جلس ذلك الغريب في المدينة الغريبة، لم يكن يبحث عن متكلم، بل كان يريد من يستمع. قليلون هم من يجيدون فنّ الإستماع في بلادنا، أن تنصت لمتكلّم هو بالأمر المتعب فأنت تضطر لأن تحبس نصائحك و كلماتك لأنك على علم بأن من يتكلم لا يريد من يتكلم في وجهه بل من يستمع لكلمات حبسها في كل الأنفاس التي كتمت في صدره
ذلك الغريب جلس في بلد لا تفقه لغته، و لا تتكلم اي لغة يعرفها، جلس في مقابل تلك الفتاة ذا الأربعة عشر عاماً، جلست تتأمل شفتاه تتحركان و هي لا تفهم اي كلمة مما يقول، كان يتكلم بكل أريحيّة من دون الشعور بالثقل، نعم ذلك الثقل الذي تكلم عنه كونديرا في كتابه كائن لا تحتمل خفته ،كان يتكلم بخفّة لعلمه بأن صديقته الصغيرة لا تفهم ما يقول، و لن تعطيه إرشادات هو هرب منه
تعليقات
إرسال تعليق